لا يكاد يخلو أي بحث علمي أو تربوي من الاقتباس، ومن هنا نجد أن الاقتباس مقرون بالعديد من المحددات الأخرى، والتي منها: توثيق المراجع، والسرقة العلمية، عملية الاقتباس في البحث العلمي مسموح بها. بل هو من ضروريات العمل المعرفي، ولكن يوجد بعض الحالات التي تكون عملية الاقتباس عملية محظورة ويمكن إدراجه تحت مسمى السرقة العلمية. والتي لا تعتبر من أخلاقيات البحث العلمي، ولا بد من التركيز على هذه العبارة (ليس كل اقتباس سرقة علمية، والتوثيق الصحيح للمراجع هو المنفذ الحقيقي والفعال )
تعرف على الاقتباس والسرقة العلمية:
قبل الحديث عن تعريف كل من الاقتباس والسرقة العلمية، لا بد من طرح السؤال التالي عليك وهو: لماذا نضع هذه الفقرة؟ ولماذا نرى وجوب أن تقرأها؟
السبب وراء وضع هذه الفقرة هو الوقوف على التعريفات الصحيحة لكل من الاقتباس والسرقة العلمية. فما بعد هذه الفقرة مبني على هذه الفقرة وما فيها من معلومات، وهذين التعريفان سيضعان عملية الاقتباس والسرقة العلمية في إطار المقارنة الذهنية التمهيدية. لنرى الفرق بينهما ونتوقف على أمور متعددة بماهيتهما.
تعريف الاقتباس: في اللغة العربية اقتبس بمعنى أخذ، أما التعريف الاصطلاحي هو : أخذ الباحث بعض المعلومات من مضامين بحثية ومعرفية. وإدراجها في بحثه الذي يقوم بإعداده، مع توثيق المصادر التي تم أخذ المعلومات منها.
ثانياً: السرقة العلمية : تسمى بالانتحال، وهي من أخطر الأمور في مجال البحث العلمي، ويتحدد مفهوم السرقة العلمية بأنها: أخذ الباحث بعض المعلومات من مضامين بحثية ومعرفية، وإدراجها في بحثه الذي يقوم بإعداده، دون توثيق المصادر التي تم أخذ المعلومات منها، مع نسبة هذه المعلومات إليه وليس للباحث الحقيقي.
هناك تعريف آخر للسرقة العلمية: أخذ مجهود باحثين آخرين ونسبة هذا المجهود لغيرهم دون التوثيق الكامل الصحيح للمراجع والمصادر التي تم الأخذ منها، وفي هذا هدر لحقوق الكتاب والباحثين الأصليين.
ومن خلال التعريفات السابقة لعملية الاقتباس والسرقة العلمية لابد أن نضع في أذهانها عدة أمور هي:
1- أخد معلومات من دراسات وأبحاث لباحثين آخرين.
2- لا يوجد توثيق للمراجع بشكل صحيح.
3- أخلاقيات الباحث، فعند السرقة الأدبية هذا ليس من أخلاقيات الباحث.
مقارنة بسيطة بين الاقتباس والسرقة العلمية
لا بد من عقد مقارنة بين الاقتباس والسرقة العلمية لتوضيح الفروق بينهم بشكل أكبر وأدق، ستكون هذه المقارنة حوارية تتمثل في النقاط التالية:
1- في كلتا العمليتين يتم أخذ المعلومات من أبحاث ودراسات أخرى، ولكن في عملية الاقتباس يتم التوثيق الصحيح، على العكس في السرقة العلمية حيث لا يتم التوثيق الصحيح للمعلومات، مع نسبة الباحث هذه المعلومات لنفسه.
2- مشروعية عملية الاقتباس تأخذ مشروعيتها من التوثيق الصحيح للمراجع. والذي يضمن الحقوق الفكرية للباحثين والكتاب الحقيقيين، أما في السرقة العلمية يتم فيها التوثيق وهو توثيق غير صحيح. حيث يتم توثيق المعلومات للباحث نفسه، وعدم نسبة هذه المعلومات للكتاب الحقيقيين. وهذا فيه انتهاك للحقوق الفكرية للكتاب الأصلية وضياع وهدر الحقوق.
3- تصنف عملية الاقتباس بأنه عملية أساسية في البحث العلمي، بينما السرقة العلمية تصنف على أنها جريمة مخالف لأخلاقيات الباحث، وللميثاق الأخلاقي للبحث العلمي.
4- في عملية التحكيم تعد الاقتباسات الصحيحة تعد نقطة قوة للمضمون، أما في حال السرقة الأدبية يتم رفض البحث، إذ أثبت بعض المحكمين أن البحث يحتوى على سرقة علمية.
5- يوافق جمهور الباحثين والعلماء على عملية الاقتباس، بينما يرفضون بشدة السرقة العلمية؛ لمخالفتها للميثاق الأخلاقي في البحث العلمي.
متى يصبح الاقتباس سرقة علمية؟
هل يمكن أن تصبح عملية الاقتباس عملية سرقة علمية،؟؟ هذه الإمكانية تحددها عدة محددات وهي كالتالي:
1- المحدد الأول توثيق المراجع: الاقتباسات التي لا يتم توثيق المراجع بشكل صحيح تعد عملية سرقة علمية.
2- المحدد الثاني التوثيق الخاطئ للمراجع: يعتبر التوثيق الخاطئ للمراجع سرقة علمية، ومثال ذلك : تمت عملية توثيق المراجع التي تم الاقتباس منها ولكن في توثيق المراجع تغافل الباحث عن كتابة الاسم الحقيقي للكاتب الأصلي، فهذا قطعاً يعتبر وجه من أوجه السرقة العلمية.
3- المحدد الثالث نسبة الاقتباس: يرى بعض الباحثين أن هناك قدر معين ومحدد للاقتباس، فحدده البعض أنه يجب ألا يزيد على 15% من مجمل البحث الحالي، وفي حالة زيادة نسبة الاقتباس فتعد انتحالاً ويخالف القواعد البحثية، ولكن هذا الأمر لا تأخذ به الكثير من الجامعات والمراكز البحثية طالما أن الاقتباس فيه توثيق المراجع.
كيف يحمي الباحث نفسه من السرقة العلمية؟
غياب توثيق المراجع هي من الأسباب التي جعلته يدخل ضمن الاقتباس و السرقة العلمية، أي أن توثيق المراجع بشكل صحيح يعتبر من أهم محددات حفظ الاقتباسات من السرقة العلمية.
يتم حماية الاقتباسات من الوقوع في الانتحال من خلال الكتابة الكاملة لمعلومات المرجع دون استثناء أي شيء من هذه المعلومات. فيجب على الباحث كتابة عنوان الدراسة الأصلية التي تم الاقتباس منها، وكتابة اسم الباحث الحقيق، مع كتابة دار النشر وسنة النشر. عملية توثيق المرجع هي التي تلعب دوراً مهماً وأساسياً في حماية الاقتباس من الوقوع في السرقة العلمية. وكذلك هناك بعض الخطوات الإجرائية الأخرى الثانوية مثل أخذ الموافقة الخطية من الكاتب الأصلي.
الطريقة الصحيحة لتوثيق مراجع الاقتباسات
تتم عملية توثيق المراجع وفق الخطوات التالية، لتجنب السرقة العلمية السرقة العلمية :
1- يجب على الباحث توفير المعلومات التالية (اسم الكاتب الأصلي، عنوان المادة المقتبس منها، دار النشر)
2- وفق توثيق Apa يتم توثيق جميع مراجع الاقتباسات.
3- تعتمد أنظمة توثيق المراجع على كتابة عنوان المادة ومن ثم اسم الكاتب الأصلي ومن ثم دار النشر. أو قد يتم تقديم اسم الكاتب على عنوان المادة.
4- تمر عملية توثيق المراجع بمرحلتين أساسيتين وهما: مرحلة توثيق المراجع الداخلية. ومرحلة توثيق المراجع في القائمة، حيث يجب على الباحث توثيق جميع مراجع الاقتباسات في الحواشي السفلية للصفحات الداخلية في البحث، وكذلك يجب توثيق المراجع في قائمة المراجع في نهاية البحث.
5- عند عملية توثيق المراجع الداخلية، لابد من وضع الإشارة على نهاية الاقتباس
كيف يساهم الاقتباس في تعزيز الميثاق الأخلاقي للبحث؟
ميدان البحث له روحه الخاصة به، والتي يجد فيها الباحثين الشعور بالانتماء إليها في جو مليء بالمعرفة والمعلومات. وإلى جانب آخر فإن هذا الميدان هو في حد ذاته علاقات اجتماعية فكرية بين الكتاب، ولعل هذا الانتماء يحفه الميثاق الأخلاقي بين الكتاب والذي من أهم نصوصه احترام حقوق الملكية. والنقاط التالية موضحة لدور الاقتباس في تعزيز الميثاق الأخلاقي للبحث:
1- تقوم عملية الاقتباس على أساس التشارك المعرفي، حيث أنه عندما يقوم الباحث بعملية الاقتباس من بحث آخر. فإن ذلك يفتح له المجال في التعرف على فكر غيره والإضافة عليه. وهذا يؤدي إلى تحفيز الباحثين لتقديم أفضل ما لديهم من بحوث ودراسات.
2- معامل التأثير في المجلات العلمية، والذي قوم على أساس نسبة الاقتباس من المضامين المنشورة على هذه المجلات. يؤكد دور عملية الاقتباس في تطور الأبحاث، و كذلك يأتي الاقتباس ضمن معايير الميثاق الأخلاقي. كونه يؤكد على صدق وموضوعية المعلومات المبنية على أسانيد تاريخية توصل إليها الباحثين الآخرين.
كيف يتم التعرف على الاقتباسات التي اشتملت على السرقة العلمية؟
إذا كنت تريد معرفة إذا ما كان الاقتباسات الموجودة في البحث واقعة ضمن الانتحال و السرقة العلمية. فيجب عليم تنفيذ عمليات فحص الانتحال، ولها صورتين:
الصورة الأولى تكون من خلال شخص ذو خبرة واسعة في الدراسات والأبحاث. مجرد قراءته لأي نص يحدد إذا ما كان يقع ضمن السرقة العلمية والانتحال أم لا. ولكن قل ما يتم استخدام الصورة والسبب وراء ذلك أنها تتطلب أشخاص يمتلكون خبرة عميقة. ولكن تشتهر هذه الصورة في المضامين التي تشتمل على اقتباسات أدبية مثل الشعر والقصة وغيرها.
الصورة الثانية استخدام برامج فحص الاقتباس و السرقة العلمية. وهي الطريقة الأكثر شيوعاً واستخداماً، على سبيل المثال تطبيق plagiarism وتطبيق check for plagiarism. وتقوم هذه التطبيقات بمقارنة الاقتباسات الموجودة مع كم هائل من المضامين الموجودة على قواعد بياناتها.